الأحد، 18 فبراير 2024 - 03:30 م

«لقاء عابر» قصة قصيرة للكاتب سمير عبد العزيز

فى ظهيرة أحد أيام الشتاء جلس بجواري على مقعد بمحطة انتظار الحافلات.. متوسط القامة والبنية، ربما غادر العقد السابع من عمره ببضع سنوات قليلة... يرتدي جلبابا رماديا ويتلفح بشال أبيض وبيده عكاز..سألني عن رقم الحافلة  التي  ينتظرها...أخبرته بأنها لم تأت بعد.

أسند ظهره الى المقعد ومد رجليه وقال: قضيت عشرة أيام في ضيافة ابني الأكبر المقيم بالطوابق ناحية فيصل بالجيزة، وقبلها قضيت أسبوعا في بيت ابني الأصغر القاطن  فى عين شمس، وأصرت ابنتي هى وزوجها أن أقضي معهم بعض الوقت أيضا ...

هم يفعلون ذلك معي منذ أن رحلت أمهم، بعد فترة صمت قصيرة استطرد: على الرغم أنهم يوفرون لي كل سبل الراحة ولا يبخلون على بشئ الا أنني لا أجد راحتي إلا في بيتي ولا يستريح جنبي إلا في مخدعي  .

قلت له: طبعا الإنسان لا يستريح إلا فى بيته .. ولكنهم لا يريدون أن يتركوك تعيش وحيدا  ولاسيما بعد رحيل زوجتك وعدم وجود من يقوم على رعايتك، هز رأسه وارتسمت ابتسامة خفيفة على وجهه.

 من جيب جلبابه أخرج محفظته وتناول من طياتها صور صغيرة لأبنائه وأحفاده، وأخذ يريني إياها وهو مغتبط صورة بعد الأخرى.  

كانت الحافلة التي ينتظرها قد وصلت .. صافحته وصعد درج الحافلة وجلس في مقعد بجوار النافذة .